الرئيسية » أخبار » أخبار عامة » سلسلة أنيـن الجدران: عُمانيات ولكن …

سلسلة أنيـن الجدران: عُمانيات ولكن …

لقد قررت الجمعية إعادة نشر هذه القضية التي تحمل عنوان “عُمانيات ولكن” وهي ضمن سلسلة ”أنين الجدران“ التي نُشرت في المنتديات وذلك في شهر مايو من عام 2010 . وذلك بعد مرور عشرة أعوام على نشرها. السلسلة من إعداد حبيبة الهنائي، المديرة التنفيذية للجمعية. وأيضا بعدما بادرت سلمى الحراصية بطلة هذه الحلقة بنشر عريضة على الإنترنت بتاريخ ٢٢ أغسطس / آب ٢٠٢٠ لجمع التواقيع للمطالبة بتعديل القانون العُماني ومنح حق المرأة العُمانية بنقل جنسيتها لأبنائها. نعرض عليكم الحلقة كما هي:

أنيــــــن الجــــــــدران (4)

أنيــــــــن: عُمانيـــــات ولكـــــــن …

(الجــزء الأول)

عاجـــل جـــدا:

عُمانيات متهمات بجريمة الزواج من الخارج ..

إعـــداد: حبيبـــة الهنائيـــة

مايو 2010

مقدمـــة:
اسمحوا لي بأن أتجرأ وأعرض عليكم أنين لمواطنات عُمانيات متهمات بالزواج من خارج الوطن. اسمحوا لي، لوهلة، بأن أتغاضى عن نفور المجتمع، والتعصب القبلي، وإثارة حفيظة ذكور العائلة وشيخ القبيلة، اسمحوا لي بأن أتمرد على قوانين القصور ..


اسمحوا لي هذا، وسوف أحاول قدر المستطاع، تجنب المساس بكرامة الأخ، ورجولة أبناء العم ، عندما أنشر أدرينالين التحدي والتمرد. اسمحوا لي أن أخاطب العقل والقلب، لربما قد أنجح بلمس شيء من إنسانيتكم وأن نتعمق في هذه القضية بهدوء وروية ..


السؤال الذي يفرض نفسه هنا ما الذي دفع بعدد ليس بقليل من نساء عُمان “وهن في تزايد” من اتخاذ قرار مصيري كهذا رغم كل التعبات التمييزية؟

ما الذي دفعها بأن تتحدى الطوفان ، وتتمرد على القوانين ، وعلى العادات والتقاليد ، وتعاني الظلم والتشرد ، وأن تسجل عضويتها، وبإرادتها، في قائمة المنبوذين بالقانون العُماني المخالف للشرع و اللوائح الدولية؟


ما الذي دفعها للهجرة ، والتشرد خارج الوطن ، وفي قلبها غصة و لوعة وأنين بمستقبل مجهول لها ولأبنائها؟ أليس لأن هذا القانون ينتهك أبسط حقوقها؟

اقترحتُ على بعض العُمانيات المتزوجات من غير العُماني الكتابة والبوح بما يرغبن قوله من أجل إعداد هذا التقرير. ولن أخفي عليكم دهشتي عندما استلمت بعد ساعات قليلة فقط بريد إلكتروني من المواطنة سلمى بنت سالم الحراصي. كنت أنوي اختصار رسالتها لكي أعطي مساحة كافية لنشر بقية الرسائل ، لكنني تراجعت وقررت نشرها كاملة، على أن أقوم بنشر بقية الرسائل في جزء آخر، رغبة مني مشاركتكم بما لمسته من أنين وغصة وألم عبر كلمات هذه المواطنة العُمانية التي تستنجد بأبناء جلدتها للوقوف معها والمطالبة بحقوقها ، لأنها ببساطة لم ترتكب أي جريمة تذكر لكي تعاقب عليها هي وأسرتها بهذا الشكل اللا إنساني .


أترككم مع رسالة سلمى الحراصي التي سوف توضح لكم بشكل عام عن حجم المشكلة التي تعانيها المواطنة العُمانية المتزوجة من غير عُماني .

إيميل من إيطاليا:
أنا مواطنة عُمانية ومتزوجة من رجل إيطالي الجنسية ، ولدينا الآن إبن وحيد اسمه (عُمر) يبلغ من العمر ثمان سنوات. لقد خضت في السابق تجربة زواج فاشل من رجل عُماني الذي انتهى بالطلاق. وبعد طلاقي منه لم يتقدم إلي أية شخص للزواج ، حتى تعرفت على زوجي الحالي في دورة دراسية بالخارج. وعندما عرض علي الزواج اشترطت عليه اعتناق الدين الإسلامي وفعل. تقدمت بالطلب للحصول على تصريح للزواج من الخارج بوزارة الداخلية وحصلت عليه. وتم زواجنا برضا ومباركة الأهل في منزل والدي بصورة طبيعية كأي زواج يتم بين الأهل بجميع عاداتها وتقاليدها.


 لم يخطر في بالي يوما بأن هذا الزواج سيصطدم بعراقيل وصعوبات جمة التي بدون شك أثرت سلبا على استقرار حياتنا والعيش معا كأسرة طبيعية. لقد كنت أجهل تماما بموضوع الإقامة للزوج والقوانين المصاحبة للمتزوجة من أجنبي، وذلك لأنه لم يتم إخطاري بأية شئ من قبل الجهات المعنية . ولو كنت على علم لاتخذت الإجراءات المناسبة وخططت جيدا ، ولربما حتى عدلت رأيي من الأساس لإتمام هذا الزواج ، لكنها مشيئة الله والقدر المكتوب بأن يتم هذا الزواج.


لم يهتز زواجنا الذي مضى عليه الآن ثلاثة عشرة عاما رغم معاناتنا وكل الصعوبات التي واجهناها والتي سأعرض بعضها عليكم هنا. لقد مضى على زواجنا ثلاثة عشرة عاما صمدنا فيها معا رغم التهميش وظلم القوانين والأنظمة التي هددت ولا تزال تهدد مستقبلنا وزواجنا. أجبرت بسببها إلى الهجرة وترك بلدي وأهلي وعملي ومستقبلي في وطني والهجرة إلى ايطاليا. بعد أن باتت كل محاولاتنا للبقاء والعيش في السلطنة بالفشل فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا.


الجهل بالقوانين والحقوق والواجبات:
مثلما ذكرت سابقا جهلي للأنظمة والقوانين المعمولة بها في هذا الشأن وليس تجاهلا مني بل لعدم توفر معلومات أو لائحة  تُقدم لمن ترغب في الزواج من أجنبي موضحا فيها جميع الأمور سواء كانت حقوق أو واجبات ، والجوانب التي يجب أخذها بعين الاعتبار أهمها المعرفة بتفاصيل إقامة الزوج والأبناء , وأنه لا يحق للمواطنة كفالتهم ، كما ليس هناك أية استثناءات لهم بسبب ارتباطهم بمواطنة عُمانية كحق العمل والميراث.
هذه الأمور لم تكن واضحة بالنسبة لي ولقد صدمت بعد الإنجاب لمعرفتي أنه على الأبناء مغادرة أراضي السلطنة عند بلوغهم سن الرشد (18 عشر عاما). لأنه ليس بإمكان العقل أو المنطق أن يستوعب ويتقبل قانونا بعيدا عن الإنسانية كهذا! هذا القانون الذي ينص بطرد أبناء العُمانية من حضن أوطانهم بعد بلوغهم سن الرشد! الا في حالة إيجاد وظيفة لهم لكي يقعون في النهاية تحت رحمة الكفيل أو أن يتم طردهم عند تطبيق خطة التعمين!


أين يفترض أن يذهب أبنائنا؟ وهم العائل الوحيد لوالدتهم المواطنة العُمانية؟ وهل هناك خطة من الحكومة بالاهتمام بهؤلاء الأمهات بعد طرد أبنائهن من الوطن؟ أتعتقدون أني لو علمت بكل هذه التفاصيل قبل الزواج كنت سأخطو هذه الخطوة؟ وأن أضع نفسي في مثل هذا الموقف والاختيار الظالم؟ إذن لماذا تزوجت وأنجبت من الأساس لكي أحرم من زوجي وابني في النهاية؟ ثم أين هي حقوقي في هذه الحالة؟ وأين الشرع هنا؟ حين أكون متزوجة على سنة الله ورسوله وأكملت كافة المتطلبات الرسمية وبمباركة من أهلي .


زوجي رجل مسلم وملتزم بصلواته وصيامه كأي شخص مسلم بل أفضل من كثيرين منهم ، ومعروف عنه الأخلاق الحميدة والطيبة وحسن المعاملة واحترام الآخرين وكل أهلي يشهدون بذلك ويقدرون كثيرا معاملته الطيبة لي ولكل من يعرفه. وتحمله لظروفي رغم سوء المعاملة التي تعرض لها في بلدي .

تجربة الحياة في السلطنة:
 بعد الزواج قررنا العيش في عُمان لكي أظل في بلدي ووسط أهلي ، وبالتالي تقدمت بطلب الإقامة لزوجي ، لكن تم رفض الطلب بحجة أنه لا يحق للزوجة كفالة زوجها! ولم يكن هناك حل آخر لإبقائه في السلطنة إلا أن يجد عملا ومن ثم يتم كفالته من قبل جهة العمل. وهنا بدأنا بمواجهة سلسلة من الصعوبات والمشاكل التي لم تنتهي حتى يومنا هذا. فلم يكن من السهل عليه إيجاد عمل في تلك الفترة ، وكانت مدة التأشيرة السياحية على وشك الانتهاء. ومع اقتراب موعد مغادرته السلطنة أصبحنا نستنجد بالجميع لإيجاد حل بديل لبقائه. ولقد حالفنا الحظ عندما استطعنا الحصول على من ساعدنا ومنحه تأشيرة عمل لمدة ستة أشهر. وفي هذه الأثناء فكرنا بالتجارة وفتح مكتب خاص بنا في أعمال الديكور. ومن خلاله سيتمكن من العمل تحت كفالة المكتب وبالتالي نحل مشكلة الوظيفة وكسب الرزق ونزيح هاجس الإقامة .
قمت بكافة الإجراءات من فتح سجل تجاري وما يتطلبه إلى تجهيز لوحه للمحل واستئجار محل. كان زوجي هو المستثمر الوحيد في المشروع وبمبلغ ليس بقليل ، بل وضع كل مدخراته فيه . وبدأت بالعمل في المحل وذلك بعد الدوام الرسمي لعملي في القطاع العام.


تقدمت إلى الجهات المعنية بطلب تصريح عمل لزوجي ، كمدير للمكتب ولكن بعد عدة مراجعات تم إبلاغي بالرفض! وهنا تلقينا صدمة أخرى ، لماذا برأيكم تم رفض الطلب؟ ليس لسبب آخر سوى لأنه زوج لمواطنة عُمانية! عدنا لنقطة الصفر وتكرر على مسامعنا ذات العذر بأن الزوجة لا يحق لها كفالة زوجها! حاولت أن أوضح للمختصين بأنني لا أطلب كفالته هنا بصفته زوجي بل كمستثمر ولقد دفع من جيبه الخاص كل ما يملك! راجعت المعنيين مرارا وتكرارا لكن دون جدوى. فانتابني شعور بأنه يتم عقابنا لجريمة لا أعرفها وقلت في نفسي ربما كان من الأجدر لو فعلت مثل ما يفعله الآخرون الذين اتبعوا أساليب غير قانونية لإيجاد مخرج لمعاناتهم. ربما أخطأت عندما اعتقدت بأنني لو احترمت القانون وتعاملت مع الجهات المعنية بشفافية فسوف يتفهمون وضعي وظروفي!


وها نحن ندفع الثمن غاليا ، فبعد انقضاء فترة الستة أشهر لم نستطيع إيجاد من يكفل زوجي لكي يجدد إقامته ، وحتى لو وجدنا فلن يستطيع العمل فالحصول على الإقامة يعني لمساعدته على البقاء في السلطنة ولكن بدون أن يتمكن من العمل! فكيف نعيش وهو لا يعمل؟ أو كيف يكون شعوره وهو يرى زوجته تعمل بينما قابع هو في البيت؟ صحيح انه كان يساعدني في أعمال المكتب ولكن بقلق شديد خوفا من قيام حملات التفتيش ، فزوجي رجل محترم ولا يحب مخالفة القانون.


كنت أذهب الى العمل صباحا وبعد الظهر في المكتب الخاص وكان يؤلمه ذلك كثيرا وهو يقف وقفة العاجز ومنه قررنا بأنه لا حل آخر سوى الهجرة إلى ايطاليا. ولقد اضطررت إلى ترك عملي كما خسر زوجي كل مدخراته الذي استثمرها بالمكتب الخاص. خسرنا كل شيء وتركنا البلد بحسرة وألم ، وحرمت من أهلي وعملي وكل ما كان يعني لي ورحلت مع زوجي وأنا في وضع سيئ جدا وبنفسية محطمة.


أَيُّهم هو الوطن؟
بقيت في الغربة عدة سنوات حتى حملت بابني عُمر وعدت خصيصا إلى عُمان لإنجابه لكي أكون وسط أهلي وألقى العناية اللازمة بدلا من أن أكون وحيدة في الغربة. حينها أتى زوجي إلى السلطنة وعمل اللازم لتسجيل ابننا وتكملة إجراءات استخراج جواز السفر من السفارة الايطالية في السلطنة. وبعد رحيله عملت جاهدة في الحصول على الإقامة وحق كفالة ابني ولكن تم رفض الطلب لأسباب لم أشأ في الاعتراض حينها لكي أتجنب خوض نفس المرارة التي تذوقتها في السابق من رفض وذل ومهانة.


استخرجت تأشيرة سياحية لابني عُمر صالحة لمدة ثلاثة أشهر لكي أتمكن من إثبات وجوده في السلطنة. وبدأت أحن للعودة للإقامة في السلطنة خاصة بعد إنجاب ابني ورغبتي في أن يكبر في بلدي ووسط أهلي. فرغم أن والده أوروبيا لكنه كان يؤيد الانتقال والإقامة في السلطنة ، لأنه بعد اعتناقه الدين الإسلامي ارتأى تربية ابننا في مجتمع إسلامي عربي ومحافظ بعيدا عن صخب الحياة الأوروبية الذي يعلمها جيدا. كما أن إلحاح أهلي بالعودة ومرض والدتي ووضعها الصحي الحرج واحتياجها لوجودنا بقربها أسرع في اتخاذ القرار بالعودة بدون تردد.

انتقلت في البداية أنا و أبني للإقامة في عُمان كما حصلت على وظيفة بعد عدة أشهر و تمكنت هذه المرة من الحصول على إقامة لأبني عُمر تحت كفالتي نظرا لغياب والده عن السلطنة. دخل عُمر في وقت لاحق الحضانة ثم المدرسة وكان متأقلم ومرتاح نفسيا بعيشه في عمان ولم يكن يشعر بالوحدة وهو محاط بالأهل وأطفال العائلة.
الحظ العاثر والتوقيت لم يكن في صالحنا ففي نفس الفترة الذي باع فيه زوجي شقتنا في ايطاليا ودفع القرض المتبقي للبنك واستقال من عمله لكي يهيئ نفسه للانضمام إلينا توفت والدتي , رحلت عني ولم أتهنا بقربها كثيرا نظرا لغيابي الطويل عن البلد و (قدر الله وما شاء فعل).
استطاع زوجي وعن طريق بعض المعارف أن يحصل على عمل ولكن العقد كان لفترة قصيرة تزيد عن العام بقليل. رغم ارتفاع المعيشة حيث لم نكن نملك منزل خاص بنا وكنا نتحمل إيجار مرتفع بعض الشيء لكننا عشنا فترة من الاستقرار فجميعنا نعمل وكنا نحمد الله ونشكره قنوعين بحياتنا وبما قسمه الله لنا وبقربنا من أهلنا الذي كان يعتبرهم زوجي بمثابة أهله.


لكن سعادتنا لم تدم طويلا وذلك عندما وقع ما لم يكن في الحسبان ، وذلك حين علم زوجي بعدم تجديد عقده والذي كان قد أشرف على الانتهاء ، وأصيب زوجي بإحباط شديد لا أستطيع أن أصفه لكم وشعر بعدم الإنصاف والعدل فهو يرى نفسه مسلم ويواظب على أداء الشعائر ومستقر مع عائلته لماذا لا يحق لزوجته أن تكفله وهكذا تنتهي معاناتنا ولن يضطر إلى هجرنا والعيش كأسرة مفككة .
ثم صدمت بمعرفتي لأمر أخر لم أكن على علم به من قبل ، وهو أن على ابني ايضا مغادرة البلد لأنه تحت كفالة والده وبما ان عقد العمل لوالده قد ألغي فبالتالي كان لابد من ابني عُمر أن يغادر السلطنة كذلك ، وبذلك لن أخسر زوجي فقط بل ابني أيضا وهنا لا أستطيع وصف حالتي وما شعرت به ونحن نرحل من جديد للعودة إلى ايطاليا.

الوطن الأم الذي تبرأ من الطفل عُمر
نحن نقيم في إيطاليا منذ ثلاثة سنوات الآن ونلمس التأثير السلبي لاندماج ابننا في المجتمع الأوروبي فهو يقضي معظم أوقاته في المدرسة ويتأثر كثيرا بأصدقائه وبما يقومون به مما يؤثر في سلوكياته ونموه السليم والتحلي بأخلاقنا وديننا الحنيف.
فقد أصبحنا نتابع نشرات الأخبار برعب وقلق شديد ويخيفنا ما نراه بشكل يومي من قضايا في المدارس وخارج المدارس من جرائم ومخدرات وكحول وجنس وتدخين بين الأطفال التي تبدأ في سن مبكر جدا ، فالحرية هنا مطلقة وتوجد منظمات تحفز الأطفال بالاتصال لتقديم شكاوي ضد الوالدين ونضع احتمال فقدنا لوصايتنا له وقد حدث هذا أمام أعيننا للكثير من أسر الجاليات العربية والمسلمة لأننا نضطر بمنعه من الذهاب إلى بيوت أصدقاءه بالمدرسة وكذلك من حضور حفلات أعياد الميلاد أو أية مناسبات أخرى.


خروج عُمر يقتصر بالذهاب إلى الحدائق العامة تحت إشرافنا وأيضا إلى نادي كرة القدم للتمرين للعب المباريات فقط دون السماح له بأن يحضر الفعاليات المصاحبة مثل حفلات العشاء التي تنظمها النادي تجنبا لوجود الكحول ولحم الخنزير. كما نعاني بالمدرسة من تعليم الديانة المسيحية ونضطر باستمرار إلى مخاطبة المدرسة لكي يتم عزله في وقت حصة الدين كما يتم تدريبهم على الأغاني الخاصة بالمسيح وهكذا يضطر لحضور الصف حيث من الصعوبة نقله إلى صفوف أخرى طوال الوقت فنضطر أن نعلمه بعدم النطق بالمسميات التي يتغنون بها أو بعمل إشارة الصليب كما يفعلون ونوضح ونشرح له الأسباب بطرق مبسطه لأنه ما زال طفلا صغيرا لا يستطيع فهم كل ما يجري حوله هذا إلى جانب إلحاحنا المستمر بعدم تقديم لحم الخنزير له أثناء وجبة الغداء.


وهذا يشكل ضغط نفسي كبير له لأننا نمنع عنه الكثير من الأمور فعقله الصغير لا يستطيع استيعاب كل هذا , كما أنه يشعر بأنه مختلف عن بقية الأطفال وأعتقد أننا سنواجه في القريب مشاكل جمة وذلك حين يكبر ويصبح في عمر الحادي عشر وما فوق نظرا للحرية المفتوحة والصداقات المسموح به بين الفتيان والفتيات وخروجهم معا للحفلات الليلية والتدخين وما يأتي من جراء ذلك. فالقانون هنا يدعم هذه السلوكيات ويعطي للأطفال الحق في ممارستها ، وإذا حاولنا منعه كوالدين فلديه الحق القانوني برفع شكوى ضدنا وبالتالي بإمكان المؤسسات الاجتماعية التدخل في حياتنا وأخذه منا بالقوة للعيش في سكن خاص تابع لهذه المؤسسات. وهكذا نخسر ولدنا الوحيد إلى الأبد لأننا نعيش هذا الواقع هنا ونرى ونسمع مثل هذه القصص تحدث مع العديد من الجاليات العربية وهذا الأمر يقلقنا ويؤرقنا ولا نعرف ماذا نفعل أو أين نهرب , أو أين نذهب فالأنظمة والقوانين في عُمان لم تتغير ولا تمنحنا أية حقوق نستطيع أن نعيش بأمان ودون قلق لأن عُمان هي البيئة الصالحة لنا ولولدنا .


نحن فعلا في حيرة ولا ندري ماذا نفعل ننتظر ونصبر عل وعسى تتغير القوانين والأنظمة في عُمان لكي نعود بأسرع وقت قبل أن يصل ولدنا إلى السن الحرج وسن المراهقة والمتاعب ,وأتمنى من الجهات المعنية في السلطنة أن تسمع ندائي ونداء كل من هم في مثل وضعي وإن اختلفت تفاصيل كل حالة لكننا جميعا نشترك في نفس الهموم ونتمنى ونأمل أن تلقى نداءاتنا هذه طوال السنوات الماضية إلى آذان صاغية و نلمس إنسانيتهم وأن تسن أياديهم القوانين العادلة وتجديدها بحيث تعالج أوضاعنا المأساوية والمزرية حتى ننعم نحن أيضا بحياة آمنة وسوية أسوة بأي مواطن عُماني أخر. وأصبحنا الآن بين نارين نار العودة ومواجهة الذل والقوانين المعقدة في السلطنة ونار البقاء هنا في البيئة الملوثة التي لا تساعد على تربية ابننا.
سلمى