الرئيسية » أخبار » أخبار عامة » لماذا يشترط من الإناث أن تكون أكثر تفوقاً من الذكور لدينا؟

لماذا يشترط من الإناث أن تكون أكثر تفوقاً من الذكور لدينا؟

إعداد سماء المقبالية

وفقاً لإحدى الدراسات الإناث لدينا أكثر تفوقاً من الذكور في المدارس. ففي عام 2015 مثلاً تفوقت الفتيات على الفتية في مسابقة القراءة في 69 بلداً من تلك التي تم إجراء الاختبار فيها. فالعرف في مجتمعاتنا هو أن الفتيات أكثر تركيزاً في الدراسة؛ فلذلك درجاتهن عالية ولكن في المقابل عدد ليس بالقليل من الفتيات لدينا لا يلتحقن بالجامعات أو العمل بعد التخرج؛ حيث يبلغ عدد النساء العاملات في شرق الأوسط أقل من 1:5 موظفين. الآن لنخصص أكثر ونتحدث عن وضع الإناث في سلطنة عمان.


وفقاً للنظام الأساسي للدولة وضمن المادة 13 من المبادئ الثقافية “فإن التعليم ركن أساسي لتقدم المجتمع ترعاه الدولة وتسعى لنشره وتعميمه” ووفقاً للمادة رقم 12 من المبادئ الاجتماعية العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين العمانيين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة.


ولكن الفجوة بين الجنسين للحصول على مقاعد جامعية توسعت في عمان. حيث لا يخفى على أحد أن الجامعة الأولى جامعة السلطان قابوس (ج.س.ق) في عُمان تعاني من تمييز واضح فيما يخص المعدلات التنافسية، مثل ما هو واضح في الجدول أدناه:

كمثال في عام 2009 رفضت إدارة الهندسة للجامعة 723 امرأة كان من الممكن أن تحصل على مقعد في كلية الهندسة استناداً على ما حصلت عليه من درجات في اختبار القبول لكن للأسف المشكلة ليست في الدرجات وإنما لكونهن إناثاً في جامعة تطبق نظامًا ذكوريًا. ووفقاً لنسب القبول والاستراتيجية المستخدمة في الجامعة ففرص القبول للرجال أكثر في جامعة السلطان قابوس حيث يمثل الذكور 9 من كل 10 طلاب في اختبار القبول الأكاديمي.

النظام الذي تتبعه الجامعة في توزيع النسب والمقاعد هو الحصص (كوتا)، ولكن المشكل الذي لدينا هنا بأن المنافسة لا تكون بين الجنسين وإنما ينافس كل جنس أقرانهم فالذكور ينافسون الذكور والإناث ينافسن الإناث. وبناءً على ذلك يُفرض على الإناث نسباً أعلى من الذكور. والنتيجة هي حصول الذكور على مقاعد لا يستحقونها بالرغم من وجود إناث أكثر استحقاقًا للمقعد الدراسي في الجامعة وتخسر الإناث مقاعدها حتى وإن كانت معدلاتهن عالية بالرغم من تحقيقهن لشروط الالتحاق بالتخصص! أليس هذا من الإجحاف في حق الطالبات ألا يتم قبولهن بمعدل مماثل بالذكور فقط لكونهن “إناثاً” في حين نحن نعلم جيداً بأن كلا الجنسين يدرسون المنهج ذاته؟! أين العدل في ذلك؟ لماذا لا يتم إعطاء فرص متكافئة للجنسين وكل منهما يتقدم للمقعد التعليمي بناءً على اجتهاده وكفاءته؟

في حين من البديهي أن يُطلب من كلا الجنسين إثبات كفاءاتهم بالمنافسة على المقعد الدراسي بالشروط ذاتها دون تفرقة.

ومن العجيب ما حدث قبل نصف شهر تقريباً عند ظهور نتائج القبول ومطالبة الفتيات بحقهن للحصول على المقاعد دون تمييز وأبدين اعتراضهن على النظام عبر وسم #لا للتمييز في المقاعد الدراسيه كانت شريحة كبيرة من المجتمع تبرر عدم تكافؤ النسب هذه، وأبدوا رفضاً لأي تغيير في النظام بأعذار وحجج تقليدية واهية واعتبروه أمراً طبيعياً. ومن الازدواجية لدينا أنه عندما طالبت المرأة العمانية بكوتا سياسية (مجلس الشورى) ٬ طلب منها أن تظهر جدارتها واستحقاقها لتصل للمقعد في المجلس.

أظن أن السبب الأساسي وراء ذلك هو التدليل المفرط للأبناء وبسط الفرص أمامهم على طبق من ذهب فحتى لو لم يحصل على درجات عالية سيدخل للمؤسسة التعليمية بمعدله المنخفض -مقارنةً بالفتاة- فقط لأنه ذكر. التدليل المفرط ينتج عالة، حين يضمن الفتى توافر جميع التسهيلات أمامه في الدراسة أو سوق العمل سيقل بذلك الجهد الذي يبذله ومنها ينخفض مستواه الدراسي.

ناهيك عن الأفكار والمفاهيم الذكورية المزروعة في أذهان الذكور والمجتمع التي تبرر للذكور إهمالهم، وفِي الوقت ذاته يضع الآباء توقعات عالية لبناتهم؛ وبالتالي فإن الذكور يصبحون أكثر إهمالاً وأقل تفوقاً من الإناث. ومن المبررات الواهية التي تستخدم لتبرير التمييز أنه “إذا كانت الفرص متساوية الشباب ما بيحصلوا قبل البنات بيملوا المكان”، “الذكور عليهم التزامات أكثر”، والقائمة تطول.

لا يمكن حل مشكلة مجتمعية بمشكلة أكبر، يجب حل المشكلة من جذورها. فإذا بدأت حياة الفتى على الاتكال على ذكوريته والاستهتار بالدراسة وضمان وجود مقعد فكيف ينشأ رجل واعي ومسؤول ومستعد لبناء أسرة؟
لذلك لابد توفير فرص متكافئة للجنسين ربما قد يؤدي لانخفاض عدد الذكور الحاصلين على المقاعد ولكن على المدى البعيد المخرجات ستصبح متساوية وأكثر عدالة لكونها مبنية على اجتهادهم وكفاءتهم واستحقاقهم للمقعد. ولابد على المؤسسات أن تقوم بدراسة المشكلة لإيجاد حل لمستويات الذكور المنخفضة.

المصادر:
https://www.theatlantic.com/education/archive/2017/09/boys-are-not-defective/540204/
الحساب الرسمي لعمادة القبول والتسجيل بجامعة السلطان قابوس
الأقوال من التغريدات المشاركة في وسام هاشتاج “#لاللتمييزفيالمقاعدالدراسيه”

تنويه: الآراء المعبر عنها في هذا المقال هي للمؤلف/ ـة ولا تعبر بالضرورة آراء الجمعية