الرئيسية » أنين الجدران » سلسلة أنين الجدران: غضفان تئن

سلسلة أنين الجدران: غضفان تئن

القرية المحاصرة برا .. وبحرا .. وجوا

إعداد: حبيبة الهنائي

سبب الزيارة: دعوة من أهالي القرية

تاريخ الزيارة: يوم الخميس الموافق 8 ابريل 2010

أنين قـرية غضفـــان ..

الصورة من قرية غضفان الموقع الذي يستقطب عدد كبير من الأجانب لأخذ صور تذكارية حيث مصدر التلوث يتوسطه منارتي مسجد.

قرية غضفان تئن:

خرجت من مدينة مسقط أسوق سيارتي ذات الدفع الرباعي متجهة إلى ولاية صحار. بعد مرور ساعة ونصف لاحت لي ضواحي صحار وهناك انضم إلي أحد المتطوعين من سكان هذه الولاية الذي سيكون مرشد الولاية لهذا اليوم.

الشموخ .. هو ذات الشعور الذي ينتابني كلما عبرت بوابة ولاية صحار العريق، لكن يا ترى هل ولاية صحار لازالت تحتفظ بكامل ألقها وهيبتها وشموخها التي توازي عظمة تاريخها الأبي؟

تحركنا نحو وجهتنا وعندها لمحت جسرا حديديا ضخما “لم أره من قبل” انتبه مرافقي كيف أحدق فيه كلما دنونا نحوه. فهمس قائلا، وكأنه قرأ ما كان يدور في ذهني من تسائلات:

  • لقد بُني هذا الجسر منذ أكثر من عام تقريبا، وهو يتبع شركة مصنع ألمنيوم صحار. ويستخدم لأجل نقل المواد التابعة لها بعد وصولها إلى رصيف الميناء. وبعدها تنقل عبر هذا الجسر إلى مقر الشركة بالمنطقة الصناعية في صحار. وعند وصول هذه المواد بالميناء يتم نقلها إلى حاويات أو خزانات مخصصة ومغطاة بإحكام، حيث يتطلب تخزينها تحت درجة حرارة عالية جدا لأجل بقائها في حالتها السائلة. حيث يتم نقلها مباشرة عبر هذا الجسر لدواعي الأمن والسلامة. كما ينقل أيضا من المصنع إلى الميناء عبر هذا الجسر الألمنيوم عندما يصبح جاهزا للتصدير.
  • مواد سائلة مثل ماذا؟
  • مادة لكويد بيتش، وهي مادة سائلة وتبقى في درجة حرارة عالية جدا ، وأيضا مادة بودرة ألمينّا ومادة الكوك وهو فحم بترولي يستخدمان لصناعة الألمنيوم وجميعها تنقل عبر هذا الجسر.

لم تطل المسافة كثيرا حتى لاحت عن بُعد شعلة نارية كبيرة تنبعث من فوهة مدخنة طويلة، يعلوها خط دخاني سميك بدا لي وكأنه يتراقص بسعادة هنا وهناك، وهو يغازل الرياح الموسمية الخفيفة معلنة اقترابنا إلى وجهتنا ووصولنا إلى ولاية لوى وبالتحديد إلى قرية غضفان ..

ما هي منطقة ميناء صحار؟
المنطقة تتألف من مجموعة من المصانع العاملة تحت اسم ميناء صحار الصناعي مثل مصفاة نفط عمان ، ومصنع البولوبروبلين ، مصنع صحار ألمنيوم ، مصنع كريات الحديد البرازيلية ، مصنع اليوريا ، مصنع العطريات (البتروكيماويات)، مصنع الأسمدة ، مصنع أرومكس ، وغيرها من المصانع. ناهيك عن تواجد صناعات أخرى بهذه المنطقة مثل شركة عمان للتعدين والمنطقة الصناعية بصحار.

الجار الثقيل (الحصار البري والجوي والبحري لقرية غضفان)

لقد تم التداول مؤخرا سواء في المنتديات الحوارية أو في بعض وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة العديد من المواضيع المثيرة للجدل والنقاشات الحادة حول احتمالية تلوث قرية غضفان الناتج عن إنشاء منطقة ميناء صحار. حيث هناك بعض الآراء التي تؤكد حقيقة وجود هذا التلوث بينما تنفيه البعض الآخر وتشكك في مصداقيته.

ومن خلال متابعتي لهذه النقاشات لازمني الفضول في البحث والتقصي ومعرفة الحقيقة وذلك من خلال سماع وجهة نظر سكان قرية غضفان؛ هذه القرية التي تعتبر أقرب منطقة سكنية واقعة بجوار منطقة ميناء صحار.

كانت زيارتنا الأولى إلى منزل المواطن/ عبدالله بن راشد المعمري، الذي كان يترقب وصولنا، حيث قام باستقبالنا خارج منزله بترحاب شديد، بنفس بشاشة الإنسان العماني وبساطته الذي لم يتغير عبر الأزمان.

بمجرد خروجي من السيارة لاحظت وجود رائحة قوية وكريهة في الجو تشبه رائحة الغاز ، أكد لي الأخ عبدالله بأن هذه الرائحة تعتبر الآن خفيفة للغاية مقارنة بأوقات أخرى حيث تزيد فيها قوتها بشكل كبير ويعتمد ذلك على اتجاه الرياح، خاصة وأن منزله هو أقرب منزل إلى منطقة الميناء وأن المسافة التي تبعد بين سور منزله و سور منطقة ميناء صحار تبلغ (375) مترا فقط!

أطفال قرية غضفان ويظهر خلفهم مباشرة موقع ميناء صحار

رحبت بنا أم عبدالعزيز الى داخل منزلها والتقيت بأبنائها الثمان أكبرهم في الثانية والعشرين من العمر وأصغرهم طفل لا يزال في الثانية. لم تنتظر أم عبدالعزيز طويلا حتى بدأت بالكلام كونها تعلم عن سبب زيارتنا وقالت:
منزلنا هذا جديد، عمره أربع سنوات فقط، انتقلنا اليه ولا زلنا حتى الآن نتحمل الأقساط البنكية لقرض البناء. ثم أشارت بيدها نحو السقف وجدران المنزل قائلة: انظري إلى التشققات المتوزعة هناك، التي حدثت نتيجة الارتجاجات والهزات التي تصدر بشكل يومي من موقع الميناء، خاصة في الساعات المتأخرة من الليل! حتى أصبحنا نعجز عن النوم. وأصبح الأطفال يصيبهم خوف وهلع و رهبة من قوة الهزات، لدرجة تشعر وكأنه وقع التو زلزال في المنطقة! ثم تسائَلت بحسرة: من الذي سيتحمل نفقات الصيانة الناتجة من هذه الهزات؟ نحن أسرة ذو دخل محدود! ما الذي ينتظرونه أن يحدث حتى يأخذون شكَوانا ومعاناتنا على محمل الجد؟ إلى أن تنهار أحد المنازل بمن فيها لا قدر الله؟ ثم تضيف: تأتينا روائح كريهة ومختلفة لدرجة أصبحنا لا نجلس خارج المنزل على الاطلاق. كما نمنع الأطفال من اللعب بالخارج. وتكمل: قد أتحمل أنا إذا أصبت بمرض ما بسبب التلوث لكن أطفالي الصغار من سيعتني بهم إذا أصابنا أي مكروه ؟!

وأضافت بصوت خافت: لقد أصيب معظمنا هنا بأمراض مزمنة ، مثل الزكام المستمر الذي لا ينقطع والحساسية بالأنف والحك بالجلد واحمرار العيون، وأنا شخصيا أعاني منذ ستة أشهر من الضعف في النظر. وتواصل: غالبا تكون فترة الشتاء أهون من الصيف لأننا لا نستخدم أجهزة التكييف. لكن في الصيف نضطر بإطفاء المكيفات عندما تشتد قوة الروائح التي تنقلها لداخل البيت. وبالتالي يبكي الأطفال من شدة السخونة ومن حرارة الجو لأنهم يعجزون عن النوم. وتكمل: في السابق كانت قريتنا خضراء، وكان لدينا أشكال وأنواع من المزروعات ، وكنّا نأكل من خيرات هذه الأرض ومن النخيل. وكنت أربي الدجاج لكنها ماتت كلها ولم يتبقى منها شيء في القرية ولم يعد أحد يربي الدجاج لأنها تموت سريعا. ثم وجهت إلي سؤال مباشر: نِصحينا إنتي إيش نسوي؟ وين نروح؟!

انتقلنا في زيارتنا الثانية إلى المنزل المجاور للمواطن/ سعيد بن راشد بن سليم المعمري وكانت أم العنّود بانتظارنا بلوعَة وأسى وأنين …

ومباشرة بدأت أم العنّود في البوح قائلة: انتقلت للإقامة هنا منذ خمسة عشرة عاما وأنا الآن أم لستة أبناء وحامل بالطفل السابع. وأكملت: كنّا في السابق مرتاحين ما عندنا شكاوي ولا معاناة، لكن انظري إلينا الآن نعاني من أمراض الصدر والربو وأعاني في حملي بسبب ضيق في التنفس بسبب الربو، كذلك أصيب زوجي وجميع أولادي لكن ماذا نفعل وهذا حكم القوي على الضعيف. وأضافت: ابني راشد يبلغ ثمان سنوات من العمر وفجأة أصيب بمرض جلدي نتج عنه تشققات في البشرة و بكتيريا بالجلد وحساسية وحك. وتكمل: ما في أحد ضد تحسن اقتصاد البلد لكن ما يكون على حساب المواطن. أخبريني من يرغب أن يسكن في منطقة ترتفع فيها أصوات الهزات بشكل يومي خاصة بالليل؟ وكأننا نواجه يوميا زلزال وأصبحنا نخشى على أنفسنا أن يقع المنزل على رؤوسنا يوما ما. ثم تضيف بانفعال شديد: لقد أصبحنا فئران تجارب نعم أصبحنا وكأننا فئران المختبرات ، ودائما ما أتساءل ألا يشعرون بنا؟ فنحن بشر مثلهم ألسنا كذلك؟ إذا توجهنا إلى المراكز الصحية يبلغونا الأطباء شفويا بأنه من الطبيعي أن نمرض جميعنا لأننا نقيم في بيئة ملوثة لكن يرفضون كتابة ذلك في تقرير طبي!

ابنتي الكبيرة العنّود مرضت فجأة وهي في المرحلة الثانوية العامة من جراء هذه المادة البيضاء التي تشبه البودرة التي كانت تخرج من فوهة المدخنة وكنّا نجدها تغطي كل شئ خارج المنزل حتى السيارات وكأنه غبار (يُعتقد انها مادة الكتاليست). صمتت أم العنود لوهلة ثم قالت بغضب شديد: أين وسائل الإعلام من كل هذا؟! لماذا تتجاهلنا ؟ لماذا لم يأتي إلينا أحد حتى الآن؟ ألم تصلهم شكوانا بعد؟ أم هو الخوف من فقدانهم لوظائفهم! نحن أهالي المنطقة مستعدون أن نكون شهود إن طلب منّا ذلك. وتضيف: أصبحنا نأخذ أبنائنا إلى عيادات خاصة بعد أن فقدنا الثقة بمراكزنا الصحية وبأطبائنا لأنهم لا يقولون لنا الحقيقة. أصبحنا نذهب إلى الإمارات لإجراء الفحوصات ونتكبد مصاريف باهضة وفوق طاقتنا. وتضيف: شقيقة زوجي أصيبت مؤخرا بمرض السرطان ونعتقد أن الحالات السرطانية ظهرت بسبب هذه البودرة. وتضيف: فقدنا حاسة الشم ونعاني من طنين بالأذن مع صداع دائم ومعظم الناس أصبحت تلبس النظارات نتيجة إصابتهم بالضعف في النظر.

أحد أطفال قرية غضفان الذي أصيب حديثا بحساسية في الجلد

شعرت بالعطش فطلبت من مضيفتي كوبا من الماء ، طلبت أم العنّود إحدى بناتها بإحضار الماء ، عادت الطفلة سريعا وبيديها إبريق من الماء ، صَبّتْ أم العنّود الماء وناولتني الكوب. وفي تلك اللحظة إنتاب إلى خلدي احتمالية أن تكون المياه ملوثة! خشيت من شرب الماء، وسألت مضيفتي بخجل وكوب الماء لا يزال بيدي عن مصدر الماء! أجابتني:
نشتريه بالتناكر لأن ماء الحكومة هنا مالح جدا وغير صالح للشرب أو للاستخدام الآدمي ولا الحيواني ولا الزراعي. شربت نصف الكوب بقلق شديد لكي لا أشعر مُضيفتي بما يدور في خلدي من خوف وشكوك.

أما زيارتنا الثالثة فقد كانت إلى منزل المواطن/ سالم بن عبدالله بن سالم المعمري. أم أحمد لديها عشرة أبناء (سبعة ذكور وثلاثة بنات) وتقيم في هذا المنزل منذ اثنتي عشرة عاما. تتذكر أم أحمد حياتهم في الماضي وتقول: كانت حياتنا في السابق آمنة جدا لكنها اليوم أصبحت مقلقة للغاية. فقد أصبح أبناءها يمرضون بشكل متكرر ، ويعانون من الحساسية في الأنف والربو والحك في العيون، كما أنها فقدت جنينها منذ ثمانية أشهر. تضطر أسرة أم أحمد لشراء مياه الشرب والطبخ من خارج الولاية ، وذلك بسبب شكوكها من تلوث المياه المعالجة بالقرية. وأضافت: في إحدى المرات كعادتنا وضعت التمر فوق سطح البيت لتجفيفه وبعد فترة وجدته مغطاة ببودرة أبيض وأسود فتخلصت منه خوفا من أن يقتلنا إذا أكلناه. أصبحنا لا نثق بالمركز الصحي وأتعالج أنا وأبنائي في الإمارات وهذا يكلفنا مبالغ باهضة.

أما بالنسبة لأم خليل زوجة المواطن/ إبراهيم بن حسن المعمري فلديها خمسة من الأبناء (ثلاثة أولاد وابنتين ). تقول أم خليل أن المنزل الذي تقيم فيه مع أسرتها هو قديم لكن أجري عليه بعض أعمال الصيانة. لكن الهزات المستمرة التي تأتيهم من الميناء تسببت في إحداث شقوق وانهيار أجزاء من السقف. وتضيف لقد أصبحنا محبوسين داخل جدران بيوتنا بعد أن كنّا نقضي معظم أوقاتنا في خارجها.

وتتسائل: كيف يمكننا حبس أطفالنا طوال الوقت داخل المنزل؟ هل يعقل ذلك؟ لكننا أصبحنا مضطرين بفعل ذلك بعد أن لاحظنا اصابة الأطفال بحالات من التقيؤ والدوار والمغص في المعدة ونتيجة لذلك يغيبون بشكل مستمر عن المدرسة. وتواصل: الأمر الغريب أن هذه الهزات والروائح تتضاعف خلال فترة إجازات نهاية الأسبوع أو في فترة الأجازات الرسمية مثل الأعياد الدينية والوطنية أو في فترة المساء. وتكمل: أما بالنسبة للمياه فهي كارثة! لقد ماتت النخيل وحتى الأواني تصاب بالصدأ عند غسلها بهذه المياه! فكيف سيكون الحال بالنسبة للبني آدم؟

وتكمل: لقد أصبحنا نشتري حتى ماء لغسل الوجه خوفا من أن تتأثر عيوننا أكثر مما هو عليه الآن! وتواصل: لدينا حالات عديدة لأمراض الأورام في العائلة. كما أصبت بحالات إجهاض ثلاث مرات، وأيضا أعاني من الربو وضيق في التنفس. وعندما سألت الطبيب عن السبب سألني عن عنوان السكن ثم رد هذا طبيعي ما دام انتي مقيمة بهذه المنطقة! وتكمل: كان في السابق لدينا زراعة في البيت نأكل منها نحن والغنم والطيور مثل الأمبا والفيفاي واللومي والخضرة وعلف الحيوان مثل الذرة بجانب النخيل لكن الآن تكبر النبتة لمستوى معين ثم تظهر عليها نقط بيضاء غريبة ثم تموت. كما أن أشجار النخيل لا تثمر وإذا أثمرت فالشكل واللون والحجم يكون غريبا ونتخلص منها.

وتضيف أم خليل بانفعال شديد: نحن أناس بسطاء ليس لدينا موارد مالية لكي ننتقل من منطقة إلى أخرى ، ولا نملك أراضي أو عقارات. لقد تم تعويض بعض الأسر بعدما تم نزع ملكية أراضيها بمرسوم سلطاني بسبب رصف الشارع الجديد. وتضيف: فرحنا كثيرا لما سمعنا الخبر وتمنينا لو كنا من ضمنهم. لكن للأسف الشديد عندما خرج المخطط للشارع الجديد لم يشمل منزلنا بل يمر خلفنا مباشرة، وهكذا فقدنا الأمل في خروجنا من هذه المنطقة المنكوبة!

لم ترغب أم خليل أن تدعنا نغادر دون أن تبوح بكل مافي قلبها من قلق وشكوك، وأكملت: لقد سمعنا عن قيام بعض الجهات بإجراء فحوصات طبية للأطفال في المدرسة، وبعدها تم الإعلان عن عدم وجود تلوث في المنطقة وأنه لا يوجد هناك أي ضرر للأطفال ولسكان المنطقة! كيف هذا الكلام؟ وأطفالنا يشعرون بالإختناق والغثيان يوميا في الصباح الباكر وهم في الخارج ينتظرون باص المدرسة! لدرجة تنتابهم حالات الدوار والتقيؤ؟
ثم تتسائل: إذا كان صاحب الجلالة قد خصص جائزة دولية للمحافظة على البيئة لحماية الحيوان والنبات فماذا عن الإنسان أليس لديهم قيمة؟ وتضيف: لقد حضر هنا العديد من الصحفيين ومنهم طلبة جامعة السلطان قابوس لأخذ أقوالنا من أجل بحث ثم يغادرون قائلين “الله يعينكم” ثم لا نلمس بعد ذلك أي تغيير! وَدّعْتُ أم خليل وطلبت منها أن تردد كلمة “يارب”

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

أم محمد المعمري تعمل بوظيفة مساعدة لمديرة مدرسة حكومية، التي جاوبت على بعض أسئلتي باقتضاب شديد حيث اكتفت بقول الآتي: كانت قريتنا في السابق جميلة ، خضراء ، لكن الآن تم إزالة العديد من المزارع بسبب مشروع الميناء، فارتفعت نسبة ملوحة المياه الجوفية بسبب استنزافها مع تواجد هذا المشروع بالمنطقة وبالتالي حدث تملح بالمياه الجوفية ونتج عنه اختفاء نسبة كبيرة من الأراضي الزراعية. وأضافت: نحن لسنا ضد التنمية لأن هذه المشاريع تخدم المجتمع لكن لا بد من مراعاة مصلحة المواطن من الناحية البيئية ، فنحن سعدنا كثيرا عند سماعنا خبر إنشاء مشروع ميناء صحار بقريتنا وذلك لإيماننا بأنه سوف يساهم برفع المستوى المعيشي لسكان المنطقة من الناحية الوظيفية والتنموية. لكن لم نكن نعلم بأن الثمن الذي سندفعه سيكون باهضا جدا!

وتواصل: لقد انصدمنا بهذا الواقع حيث تعددت المشاريع بكثرة خلال فترة زمنية قصيرة جدا بدون وجود حلول بيئية لتبعاتها. وتضيف: لقد ظهرت في منطقتنا أمراض جديدة علينا لم نألفها من قبل في القرية. مثل الأورام والربو وضيق في التنفس وفقدان لحاسة الشم والصداع المزمن وحالات التقيؤ الخ. وقالت: أنا أحدثك الآن وأعاني من صداع مزمن مكتسب وشديد!

يعتقد والدا الطفل محمد المعمري بأن محمد قد فقد كليته بسبب خطأ طبي وبالتالي فهو يعاني الآن من ضعف في المناعة وأن أي فيروس أو الروائح القوية الناتجة من تلوث الميناء تؤثر عليه وتتسبب في تدهور صحته وغالبا ينتهي به الأمر في المستشفيات فأين يذهب محمد؟

الجار الثقيل (الحصار البري والجوي والبحري لقرية غضفان)

الصياد السابق علي المعمري ومستقبل مجهول مع قدوم الضيف الثقيل

المواطن/ علي بن سعيد بن راشد المعمري كان يمارس مهنة الصيد بالقرية ويقول: لقد كنت أنا ومجموعة كبيرة من أبناء قرية غضفان نمارس مهنة الصيد ونكسب رزقنا من خلاله حيث كان يأتينا الخير الوفير من البحر. حتى جاء مشروع ميناء صحار الذي تسبب في إزالة “عرشان” الصيادين بدون استئذان أو استشارة هؤلاء الصيادين، كما لم تقدم أية تعويضات لنا خاصة وأن مهنة الصيد كان مصدر رزقنا و دخلنا الوحيد. ويضيف: لقد تسبب هذا القرار المجحف في حقنا الى تشتتنا جميعا، ثم علمت بعد ذلك بأنه تم تعويض أصحاب المعدات فقط بمبالغ هزيلة نخجل حتى الإعلان عنها! بينما نحن أصحاب المهنة لم يسأل عنّا أحد.

ويكمل: عندما نطالب بموقع بديل تقدم لنا الوعود بدون نتيجة أو تقترح علينا مناطق بعيدة جدا عن القرية. ويقول: حاليا نحن باحثون عن عمل حيث كان مصدر رزقنا يعتمد على الله وعلى البحر. ويختم كلامه قائلا: حاليا أعاني من حكة مزمنة بكامل جسمي ويسبب لي ألم شديد أعجز فيه عن النوم بالليل ولقد استخدمت جميع الأدوية بدون نتيجة ولا أستطيع النوم قبل أن أدهن جسمي بالبودرة واذا لجأت الى الأطباء قيل لي “حالتك طبيعية لأنك من قرية غضفان”.

انتهى.

ميناء صحار الصناعي
المصدر: شبكة صحار
www.sohar.net

ملاحظة: تاريخ هذا المقال غير مذكور بالموقع
يقوم فريق مسح أراضي مشروع ميناء صحار حاليا دراسة لبدائل التعويضات للأملاك المتأثرة بمشروع الميناء وذلك بعد صدور المرسوم السلطاني رقم 54/2002 الذي حدد صفة المنفعة العامة لميناء صحار والمنطقة الصناعية ومحور المنافع الأساسية والمرافق المكملة لها والمرتبطة بها المزمع إنشاؤها في ولايتي صحار ولوى.

وقال المهندس قاسم بن أحمد بن عبدالمحسن الشيزاوي مدير دائرة الدراسات التخطيطية مشرف عام مخطط ميناء صحار بوزارة الإسكان والكهرباء والمياه أن الفريق بدأ خلال الفترة الماضية في تجميع المعلومات الخاصة بالأراضي من وزارة الزراعة والثروة السمكية، ووزارة البلديات الإقليمية والبيئة وموارد المياه بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد الوطني.

وأضاف أن الحالات التي تم تقرير المنفعة العامة لها تبلغ 909 حالات منها 27 حالة في صحار، 17 منها في الخويرية و 10 في مجيس وباقي الحالات وعددها 882 حالة توجد في ولاية لوى وتتوزع على غضفان 369 حالة، والحد 141 حالة، والجعشمي 73 حالة، ومخيليف 47 حالة، والغزيّل 28 حالة، وعقدة الموانع 33 حالة، وحرمول 4 حالات، وحلة الشيخ 6 حالات، وحلة الحصن 5 حالات ومخطط غضفان السكني 176 حالة، مشيرا إلى أن الفريق انتهى في يناير الماضي من إعداد ملفات التخطيط واستمارات لجان التثمين للأراضي المتأثرة بمشروع الميناء وأصدرت بها قرارات التمليك.

وقال إن فريق العمل يقوم حاليا بتنفيذ المسوحات التفصيلية للمراحل الثانية والثالثة والرابعة والخامسة للمخطط الرئيسي لميناء صحار والمنطقة الصناعية والامتدادات للصناعات المستقبلية، بالإضافة إلى المدينة السكنية المقترحة مشيرا إلى أن المساحة الإجمالية للمخطط تبلغ 180 كلم2 تمتد من مجيس بولاية صحار جنوبا إلى حرمول بولاية لوى شمالا بطول 12 كيلومترا، كما تمتد من ساحل البحر شرقا إلى بداية السلسلة الجبلية غربا بطول 15 كيلومترا.

ست مراحل:
وأشار إلى أن فريق مسح أراضي مشروع ميناء صحار تم تشكيله في شهر يونيو عام 2000م بهدف مسح الأراضي وتصميم المخططات التفصيلية للمخطط الرئيسي لميناء صحار والمنطقة الصناعية والمدينة السكنية المستقبلية مشيرا إلى أن الفريق قام في البداية بتحديد أعماله من خلال 6 مراحل وقد أنجز المرحلة الأولى بالكامل وينفذ حاليا المسوحات التفصيلية للمراحل من الثانية وحتى الخامسة تمهيدا لإعداد المخططات العامة لها.

واستعرض المهندس قاسم بن أحمد بن عبدالمحسن الشيزاوي المراحل التي يشملها المخطط الرئيسي للميناء مشيرا إلى أن المرحلة الأولى تتضمن مسح الأراضي بميناء صحار والمنطقة الصناعية المتاخمة ومحور المنافع الأساسية ووصلة الطريق إلى حرمول، وتشمل المرحلة الثانية مسحا تفصيليا لمنطقة التعويضات وتحديدها على الطبيعة.

فيما تتضمن المرحلة الثالثة مسحا تفصيليا لموقع المدينة السكنية وتحديدها على الطبيعة. وتشمل المرحلة الرابعة مسحا تفصيليا لمنطقة صحار الصناعية والمصانع الكبرى في الجهة الجنوبية وتحديدها على الطبيعة، فيما تتضمن المرحلة الخامسة مسحا تفصيليا لمنطقة الصناعات المستقبلية وتحديدها على الطبيعة، أما المرحلة السادسة فتشمل مسحا تفصيليا للأملاك في مسارات الطرق الدائرية والفرعية المقترحة بالمخطط وإعداد الاستمارات التخطيطية لها.

تلبية متطلبات المصانع:
ونوه إلى أن الفريق يقوم بالعديد من المهام الأخرى من بينها إعداد المخططات التفصيلية بناء على الدراسات والمتطلبات التي يقدمها المستثمرون حول الصناعات التي يرغبون في إقامتها بالمنطقة.

وبالتنسيق مع المؤسسة العامة للمناطق الصناعية حيث تتم دراسة هذه المتطلبات ومن ثم تحديد الأراضي وفق حاجة المصانع المستقبلية مع الأخذ في الاعتبار الصناعات الأخرى والمتطلبات التخطيطية للمنطقة الصناعية وما يتبعها من مرافق وطرق وخدمات أخرى بالتنسيق مع وزارة النقل والاتصالات ولجنة تنسيق ومتابعة المشاريع الصناعية بصحار – بوزارة الاقتصاد الوطني. وقال إن عمل الفريق يتضمن أيضا إعداد المخططات التفصيلية للمراحل الست المذكورة كما يتضمن تحديث الخرائط الأساسية للمشروع والصور الجوية ونظام المعلومات الجغرافية GIS وشق مسارات حدود المناطق.

مساحة أراضي المشروع:
وتطرق المهندس قاسم بن أحمد بن عبدالمحسن الشيزاوي في حديثه إلى مساحة أراضي المشروع مشيرا إلى أن مساحة ميناء صحار الصناعي تبلغ 10326464 مترا مربعا منها 2987051 مترا مربعا على اليابسة و 7339413 مترا مربعا في البحر، فيما تقع مساحة ميناء الصيد 1489791 مترا مربعا منها 343711 مترا مربعا على اليابسة و 1146080 مترا مربعا للمساحة البحرية.

وقال إن مساحة مشروع مصفاة النفط تبلغ 2402117 مترا مربعا فيما تبلغ مساحة مشروع أسمدة صحار 912371 مترا مربعا، وتبلغ مساحة مشروع الميثانول 714431 مترا مربعا، ومساحة مشروع البولي بروبلين 200 ألف مربع، ومساحة تخفيض ضغط الغاز 20 ألف متر مربع ومساحة محطة الكهرباء وتحلية المياه (المرحلة الأولى) 526612 مترا مربعا والمرحلة الثانية 496608 أمتار مربعة، ومحطة معالجة النفايات مساحتها 202530 مترا مربعا، ومحطة سحب مياه البحر مساحتها 96086 مترا مربعا، ومحطة نفي مياه البحر مساحتها 24250 مترا مربعا. وقال إنه تم تحديد 11 مخططا للصناعات المستقبلية وقد تم حجز 4012569 مترا مربعا لها، كما أنه تم تحديد مساحات أخرى لأراضي الشرطة والأمن والدفاع المدني والإسعاف والمكاتب الإدارية للميناء والإدارات الأخرى والخدمات المساندة، مشيرا إلى أن جميع المساحات قابلة للتعديل وفقا لمستجدات التخطيط.

التعمين:
وتحدث المهندس قاسم عن نسبة التعمين في فريق العمل مشيرا إلى أنها تبلغ 74.5%. وقال إن الموظفين العمانيين يبدون حماسا كبيرا لإنجاز الأعمال الموكلة إليهم حيث أن هذا المشروع من المشروعات المهمة والتي تحتاج إلى دقة كبيرة خاصة أنها ستبنى عليها العديد من الخطط المستقبلية مشيرا إلى أن الفريق يلقى كل الدعم من معالي الشيخ سهيل بن مستهيل شماس وزير الإسكان والكهرباء والمياه ومتابعته الدائمة لمراحل سير العمل بالمشروع. وأشار إلى أن الفريق قد أنجز مراحل هامة من المشروع وسوف يستمر عمله إلى منتصف العام القادم.

تلبية المتطلبات المستقبلية:
وأكد المهندس قاسم بن أحمد بن عبدالمحسن الشيزاوي مدير الدراسات التخطيطية مشرف عام مخطط ميناء صحار أن الميناء يعتبر من المشروعات الحيوية الهامة للإقتصاد العماني والتي سوف تسهم في توسيع مصادر الدخل من خلال الصناعات التي ستقام بأرض الميناء مؤكداً أن المخطط الذي يقوم بتنفيذه فريق العمل يلبي جميع المتطلبات الحالية والمتوقعة للميناء ونمو الصناعات بالإضافة إلى نمو المنطقة السكنية التي يغطيها المشروع.

المصدر:
الأقسام ذات العلاقة: الصناعة

ولاية صحار – المصدر (ويكيبيديا)
عرفت صحار منذ القدم بنشاطها التجاري، فقد كانت مركزا لاستخراج وتصدير النحاس إلى دول العالم القديم ونسبة إليها سميت عمان قديما “مجان” والذي يعنى جبل النحاس. وفي العهد الزاهر بدأ التنقيب عن النحاس في ولاية صحار منذ عام 1973 م بهدف تنويع مصادر الدخل القومي، وقامت شركة عمان للتعدين التي أنشئت عام 1978م بالتنقيب في مناجم الأصيل والبيضاء وعرجاء بولاية صحار وتكلل مشروع النحاس في صحار بالنجاح حيث أفتتح مصنع النحاس عام 1983م وقامت السلطنة بتصدير النحاس المصفى في منتصف ذلك العام واحتلت صادرات النحاس المرتبة الثانية بعد النفط خاصة بعد أن ارتفعت كمية الإنتاج.

كما أنها وبحكم موقعها على ساحل خليج عمان فإن صحار كانت تشكل ميناء عالميا يربط بين الموانئ الخليجية وموانئ الهند والصين، ويعتقد الكثيرون بأنها منشأ أسطورة السندباد، وقد ذكرها العديد من المؤرخين والجغرافيين على مدى العصور وأشادوا بأهميتها في كتبهم، فقد زارها العربي الفلسطيني “المقدسي” في القرن العاشر الميلادي ووصفها بأنها بوابة الشرق وقال انها : ” مدينة مزدهرة ويقطنها عدد كبير من السكان كما إنها مدينة جميلة ومريحة العيش، أحياؤها السكنية مميزة على طول الشاطئ، والمسجد كان يطل على البحر والمآذن مرتفعه…”وقال المقدسي أيضا “صحار هي مدخل الصين ومخزن العراق والشرق ومعبر اليمن”. وكذلك قال عنها الأصطخري في كتابه (المسالك والممالك) ” بأنه لا يمكن أن توجد على الخليج ولا في بلاد الإسلام مدينة أكثر غنى وجمالاً من صحار “.

استمع: لقد استضاف برنامج #نقطة_نظام في شهر مايو من العام 2010 عبر أثير إذاعة الوصال #حبيبة_الهنائي لمناقشة قضية المناطق الصناعية وتلوث قرية #غضفان في لوى بعد زيارتها للقرية ومقابلة العديد من الأسر المتضررة هناك. كان أيضا من ضمن الضيوف المحامي عبدالخالق المعمري. البرنامج من تقديم الإعلامي خالد الراشدي